languageFrançais

سوق الأسهم يسجل أول تراجع شهري منهيًا سلسلة مكاسب استمرت خمسة أشهر

 
أغلق مؤشر ستاندرد آند بورز 500 تعاملات شهر أبريل متراجعًا بنحو 3% ليسجل أول خسارة شهرية بعد أن حقق سلسلة مكاسب شهرية دامت خمسة أشهر متتالية، وذلك مع تزايد المخاوف بشأن التضخم عقب ارتفاع الأجور والذي قد يؤثر على قرار خفض أسعار الفائدة.

وقد وصل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى أعلى مستوياته على الإطلاق في شهر مارس مسجلًا عائد شهري بلغ نحو 3.2% مدفوعًا بالبيانات الاقتصادية الايجابية نسبيًا، وأنهى أفضل ربع أول له منذ عام 2019، يتقدم الآن بنسبة 10% منذ بداية العام حتى الآن في عام 2024 مع انحسار المخاوف بشأن الركود الاقتصادي الأمريكي وتحويل اهتمام المستثمرين إلى توقيت تغيير البنك الاحتياطى الفيدرالى لسياسته النقدية من التشديد إلى التخفيف.

وفي حين أن سوق تداول الاسهم تجاهل المجالات المثيرة للقلق ليصل إلى مستويات عالية جديدة في الربع الأول، فمن الصحيح أيضًا أن المستثمرين لديهم أسباب أساسية للبقاء متفائلين، فتقديرات نمو الأرباح لمؤشر S&P 500 منخفضة للغاية لعام 2024 وهوامش التشغيل آخذة في التوسع ويتزايد تفاؤل الشركات بشأن الاقتصاد. 

ملخص السوق للربع الأول
حققت أسواق الأسهم العالمية (وفقًا لقياس مؤشر MSCI العالمي لجميع الدول) عائدات بنسبة 8.2% في الربع الأول، وتفوقت الأسهم الأمريكية على الأسهم غير الأمريكية كما تفوقت الأسهم الكبيرة على الأسهم الصغيرة، وتجاوز أسهم النمو على أسهم القيمة، ولكن واجهت فئات الأصول الأخرى صعوبات في هذا الربع حيث عانت السندات والأصول الحقيقية من بعض التراجع.
بالإضافة إلى المكاسب الكبيرة التي حققها مؤشر ستاندرد آند بورز 500، أدى الارتفاع المستمر في الأسهم المرتبطة بالذكاء الاصطناعي والتعليقات الحذرة من قبل مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي إلى ارتفاع مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 6.1% ومؤشر ناسداك بنسبة 9.3% في الربع الأول.
لقد كان ارتفاع سوق الأسهم واسع النطاق في الربع الأول مدفوعة بالأداء القوي للقطاع التكنولوجي والقطاعات الإستهلاكية والدفاعية، وحقق كل منها عائد إجمالي يقدر بنحو 8% أو أكثر، بينما أنهى قطاع العقارات فقط الربع في المنطقة الحمراء.

أفضل وأسوأ الأسهم أداءً
كان صانع خوادم الذكاء الاصطناعي Super Micro Computer (SMCI) هو أفضل الأسهم أداءً في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 في الربع الأول بفارق كبير، حيث ارتفع بنسبة 255% منذ بداية العام حتى الآن مع استمرار المستثمرين في الاقبال على شراء أسهم الذكاء الاصطناعي، وحقق سهم Super Micro Computer ارتفاع بنسبة مذهلة بلغت 502% منذ بداية عام 2023.
كما واصل سهم ستاندرد آند بورز 500 الأفضل أداءً لعام 2023 وهو صانع شرائح الذكاء الاصطناعي Nvidia (NVDA) زخمه الصعودي في الربع الأول من عام 2024، حيث ارتفعت أسهم Nvidia بنسبة 82% منذ بداية العام حتى الآن و321% منذ بداية العام الماضي، مما رفع القيمة السوقية للشركة إلى 2.29 تريليون دولار.
على الجانب الآخر، كانت شركة تصنيع السيارات الكهربائية المتعثرة Tesla (TSLA) هي الأسهم الأسوأ أداءً في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 في الربع الأول، حيث أجبرت المنافسة المتزايدة في الصين شركة تسلا على خفض أسعار سياراتها الكهربائية وتباطأ نمو إيرادات سيارات شركة تسلا إلى 3% فقط على أساس سنوي في الربع الرابع.
كما تراجعت أسهم Boeing (BA) بأكثر من 25% في الربع الأول مع استمرار مشاكل مراقبة الجودة في الشركة في التأثير على سعر سهمها.

ما هو اتجاه البنك الاحتياطي الفيدرالي القادم؟
لكي يواصل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بدايته الساخنة خلال عام 2024، من المرجح أن يحتاج الاحتياطى الفيدرالى إلى إحراز مزيد من التقدم في خفض التضخم حتى يتمكن من البقاء على المسار الصحيح لبدء تخفيض أسعار الفائدة في وقت ما من هذا العام.
سجل مؤشر أسعار المستهلكين ارتفاع بنسبة 3.5% على أساس سنوى في شهر مارس بأعلى من القراءة السابقة لشهر فبراير الذي سجل ارتفاع بنحو 3.2%، بانخفاض عن مستويات التضخم القصوي البالغة 9.1% في يونيو 2022، وبالتالي فإنه لا يزال عند مستوي أعلى من الرقم المستهدف للبنك الاحتياطى الفيدرالى البالغ 2% على المدي الطويل.
في حين أن الاحتياطي الفيدرالي قد حقق تقدما كبيرا بشأن التضخم، فإن بعض الاقتصاديين يشعرون بالقلق من أن ما يسمى بالتضخم "اللزج" سيجعل المرحلة الأخيرة من مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي هي الأصعب على الإطلاق، على سبيل المثال: تستمر أسعار المأوي في الارتفاع حيث ارتفعت بنسبة 0.4% على أساس شهري و5.7% على أساس سنوى في فبراير.
وفي شهر مارس اختارت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة الحفاظ على أسعار الفائدة عند النطاق المستهدف الحالي الذي يتراوح بين 5.25% إلى 5.5%، لكن رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي "جيروم باول" أشار إلى أنه سيكون من المناسب على الأرجح البدء في التراجع عن قيود السياسة في وقت ما من هذا العام.

هل لا تزال تخفيضات أسعار الفائدة قادمة؟
وتدعو التوقعات الاقتصادية طويلة الأجل المحدثة للبنك الاحتياطي الفيدرالي إلى إجراء ثلاثة تخفيضات لأسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس لكل منها بحلول نهاية عام 2024.
أفاد مكتب التحليل الاقتصادي عن نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بنسبة 3.4% في الربع الرابع، مما يشير إلى أن أسعار الفائدة المرتفعة لا تضر الشركات الأمريكية بالقدر الذي كان يخشاه بعض الاقتصاديين.
يقول "بيل آدامز" كبير الاقتصاديين في بنك كوميريكا إنه ببساطة ليس هناك من ينكر أن الاقتصاد الأمريكي في حالة جيدة، ويضيف أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي ينمو بقوة مدفوعا بالإنفاق الاستهلاكي القوي والنمو السريع للاستثمار في الهياكل غير السكنية، ومن المرجح أن ينمو الاقتصاد بشكل معتدل في عام 2024 مع استمرار التضخم في العودة تدريجياً إلى هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي.

كيف يتفاعل سوق السندات؟
يسعر سوق السندات حاليًا فرصة بنسبة 95.8% أن يستمر البنك الاحتياطي الفيدرالي في الحفاظ على أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية في اجتماعه التالي الذي يختتم في الأول من مايو، ويرى مستثمرو السندات فرصة بنسبة 53% أن يبدأ البنك في تخفيض أسعار الفائدة بحلول يونيو، وفقًا لمجموعة CME.
يقول أحد المحللين إن تخفيضات أسعار الفائدة من شأنها أن تضيف المزيد من الدعم إلى ارتفاع سوق الأسهم، لكنها قد لا تكون ضرورية لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 للحفاظ على زخمه الصعودي.
في حين أن تخفيضات أسعار الفائدة من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي ستكون أخبارًا مرحب بها للأسهم إلا أنها ليست شرطًا لسوق قوية، خاصة وأن السوق قد تمكن من الارتفاع خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية حتى مع ارتفاع أسعار الفائدة، ونعتقد أن مستثمري الأسهم يتأقلمون مع هذا الوضع الطبيعي الجديد المتمثل في ارتفاع أسعار الفائدة.

مراقبة الاقتصاد الأمريكي
لقد استطاع البنك الاحتياطى الفيدرالى من الوصول إلى نقطة مفصلية فى معركته ضد التضخم، كما تراجعت المخاوف من دخول الاقتصاد الأمريكي في مرحلة الركود في الأشهر الأخيرة، وبرغم ذلك لا يزال نموذج الركود الذي وضعه البنك الاحتياطي الفيدرالي فى نيويورك يتوقع احتمالًا بنسبة 58.3% لحدوث ركود في الولايات المتحدة خلال الأشهر الـ 12 المقبلة.
وكانت إحدى العلامات الأكثر إقناعا على احتمالية الهبوط الناعم هي مرونة سوق العمل في الولايات المتحدة، حيث ذكرت وزارة العمل أن الاقتصاد الأمريكى قام بإضافة 275 ألف وظيفة في شهر فبراير وهو ما يتجاوز تقديرات الاقتصاديين التي أضافت 198 ألف وظيفة، ومع ذلك، ارتفع معدل البطالة في الولايات المتحدة بنسبة 3.9% بشكل طفيف عن شهر يناير وهو حاليًا عند أعلى مستوى له منذ يناير 2022.
يقول أحد خبراء السوق إن جميع المؤشرات تشير إلى أن التقديرات الأولية لنمو الاقتصاد الأمريكي ستكون جيدة خلال هذا العام، وعلى الرغم من أن النمو القوي حتى نهاية عام 2023 كان مثيرًا للإعجاب في حد ذاته، إلا أنه يساعد أيضًا في تفسير المرونة الاقتصادية التي شهدناها طوال الربع الأول، حيث انتقل الزخم الإيجابي من نهاية العام الماضي إلى عام 2024.
بينما لا يزال الاقتصاديون يتوقعون رؤية تباطؤ النمو في عام 2024 مقارنة بنهاية العام الماضي، فإن تباطؤ النمو لا يزال نموًا ومن المتوقع أن تظل الخلفية الاقتصادية داعمة للأسواق.

موسم أرباح الربع الأول 
تؤدي أسعار الفائدة المرتفعة إلى زيادة تكاليف الاقتراض لكل من المستهلكين والشركات الأمريكية، وعادة ما يشكل ذلك ضغطا على الاقتصاد وسوق الأوراق المالية، كما يؤدي التضخم أيضًا إلى زيادة تكاليف المدخلات بالنسبة للشركات الأمريكية، مما يضغط على هوامش الربح ويؤثر على الأرباح.
على الرغم من التحديات، سجلت الشركات المدرجة على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 نموًا في أرباحها بنسبة 3.6% على أساس سنوي في الربع الرابع، حيث سجلت سبعة من أصل أحد عشر قطاعًا في السوق نموًا إيجابيًا في الأرباح.
لقد بدأ موسم الأرباح للربع الأول في أبريل ويتوقع المحللون ربعًا آخر من النمو المتواضع، تتوقع تقديرات المحللين في وول ستريت نموًا بنسبة 3.6% في الأرباح ونموًا في إيرادات الشركات المدرجة على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 3.5% في الربع الأول.
ويتوقع المحللون نمو أرباح ستاندرد آند بورز 500 للعام بأكمله بنسبة 11.0% في عام 2024، لكن المحللين أكثر تفاؤلاً بشأن بعض قطاعات السوق أكثر من غيرها، ويحظى قطاع خدمات الاتصالات بأعلى نسبة من تقييمات شراء المحللين بنسبة 63% يليه قطاع الطاقة بنسبة 62%، بينما يتمتع قطاع المواد بأقل نسبة من تقييمات شراء المحللين بنسبة 45% فقط.
السعر المستهدف المتفق عليه من قبل المحللين لمدة 12 شهرًا لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 هو 5614 نقطة، وهو ما يمثل ارتفاعًا بنسبة 6.8% تقريبًا عن المستويات الحالية.

كيف تستثمر في شهر مايو؟
منذ عام 1950عندما يرتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 في كل من الأشهر الثلاثة الأولى من العام، يبلغ متوسط مكاسبه 1.8% في أبريل و3.1% في الربع الثاني و9.8% في الأشهر التسعة المتبقية من العام. .
بالإضافة إلى ذلك، خلال السنوات الماضية حقق مؤشر ستاندرد آند بورز 500 مكاسب بنسبة 10% على الأقل في الربع الأول وبلغ متوسط مكاسبه 6.5% خلال الأشهر التسعة الأخيرة من العام.
يقول الخبراء إنه لا ينبغي بالضرورة أن يشعر المستثمرون بالفزع إذا لم ترق الشركات إلى مستوى التوقعات العالية في موسم الأرباح هذا، فالمستويات الحالية للأسهم لا تترك مجالًا كبيرًا لخيبة الأمل ولن نتفاجأ برؤية تراجع في مرحلة ما، وسيكون مثل هذا الارتداد أمرًا طبيعيًا في المسار الصعودي العام الذي نسير فيه.